بسم الله الرحمن الرحيم
اطلعت على البحث القيم الذي كتبه تلميذنا الدكتور ذوالفقار علي شاه ، الرئيس التنفيذي لمجلس الفقه الإسلامي بأمريكا الشمالية فوجدته نموذجا يحتذي في أمانة البحث وعمقه ودقته وهو منهج العلماء من السلف الصالح في عرض الآراء والاجتهادات المختلفة في المسألة المعروضة بنسبتها إلى أصحابها من مصادرها الأصلية بنقول موثقة ، ثم إنه أبدع في التحليل والتدليل لهذه الآراء والموازنة والترجيح بينها بأسلوب علمي أصيل يعتمد على المنطق والحجة والبرهان دون الوقوف عند ظاهر النصوص الشرعية.
وقد أجاد في عرض رأي جمهور المجتهدين منذ عصر التابعين حتى اليوم الذين يصرون أن أوائل الشهور العربية التي تتعلق بها العبادات وتعد سببا لوجوبها كالصوم والحج وغيره لا تثبت إلا بالرؤية البصرية أو إكمال الشهر ثلاثين يوما ، وأنه لا حجة في الحساب ، بل بالغ بعضهم فكفر القائلين بحجية الحساب في إثبات الشهور الإسلامية ، وقد رجع في عرض أدلتهم إلى كتبهم فنقل منها ما يثبت نسبة القول إلى صاحبه ، ثم ناقش هذه الأدلة بأسلوب يتسم بالأصالة والدقة والعمق ، وردّ عليها دليلا دليلا ، وأثبت أنها لا تدل على رأيهم في قصر ثبوت الأهلية على الرؤية البصرية دون غيرها ، وأن الحسابات الفلكية لا اعتبار لها ، ثم انتصر لحجية الحسابات الفلكية وقدم لذلك أدلة من المعقول والمنقول ورأى أنها تفيد القطع واليقين بخلاف الرؤية البصرية والشهادة بها فإن غاية ما تفيده هو الظن الراجح ، وقرر أن الشريعة لا تترك اليقين للظن.
والبحث في جملته عمل علمي و جهد مشكور يستحق التقدير وهو دليل على عظمة الإسلام وسمو شريعته ووفاء نصوصه بحاجات العصر وأنه دين يلاحق التطور ويساير التقدم فقد أصبح الحساب الفلكي علما لا يصح للمسلمين إنكاره أو التقليل من شأنه بعد أن اعتبره العالم أجمع.
أسأل الله للكاتب دوام التوفيق في خدمة العلم والدين إنه سميع مجيب.
د. حسين حامد حسان